المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
كلية الدعوة وأصول الدين
قسم التربية
صفات المنافقين
من خلال تفسير سورة الحديد
إشراف:
أ. د. عيد بن حجيج الجهني
إعداد الطالب:
صهيب بن عيسى المرزوقي
العام الجامعي 1432/1433 هـ
شكر و تقدير
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله, محمد بن عبد الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإني أتوجه أولاً بالشكر لخالقي سبحانه وتعالى على ما منَّ به عليَّ من فضل وإنعام عظيم أن وفقني لإتمام هذا البحث فله الشكر وله الحمد, وأسأله سبحانه القبول وهو خير من سئل وخير من أعطى.
ثم لا أنسى أن أتقدم بالشكر لولي أمر هذه البلاد المباركة خادم الحرمين الشريفين على ما يبذله في سبيل خدمة العلم وطلابه في أنحاء العالم, ومن ذلك دعمه ورعايته لهذه الجامعة المباركة التي تضم طلاب العلم من شتى بقاع الأرض.
وأثني بالشكر وخالص الامتنان إلى الجامعة الإسلامية المباركة ممثلة بمعالي الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا حفظه الله ورعاه.
والشكر موصول إلى فضيلة الدكتور عبد العزيز الطويان عميد كلية الدعوة وأصول الدين والقائمين على هذه الكلية المباركة.
وأشكر جميع مشايخي وأساتذتي, وأخص بالشكر فضيلة الأستاذ الدكتور عيد بن حجيج الجهني حفظه الله تعالى وبارك في جهوده, والذي قام بالإشراف على هذا البحث.
ولا يفوتني أن أشكر كل من أعانني على إتمام هذا البحث, سواء بمشورة أو رأي أو توجيه أو إعارة كتاب أو غير ذلك. فأسأل الله أن يجزيهم عني خير الجزاء وأن يجعل ذلك في موازين حسناتهم إنه سميع الدعاء.
وأسأل الله أن يجزل المثوبة والأجر للجميع, وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهة الكريم, وأن يكتبه من صالح أعمالنا, إنه جواد كريم, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
ملخص الدراسة
• عنوان البحث: صفات المنافقين من خلال تفسير سورة الحديد.
• أهداف البحث:
1. بيان صفات المنافقين الواردة في سورة الحديد.
2. التحذير من تلك الصفات وبيان خطورتها.
3. طرق السلامة من الوقوع فيها.
• خطة البحث:
الفصل الأول: التمهيد.
1. المبحث الأول: المقدمة.
2. المبحث الثاني: موضوع الدراسة.
3. المبحث الثالث: أهمية الدراسة.
الفصل الثاني: التعريف بمصطلحات الدراسة.
1. المبحث الأول: تعريف الصفة.
2. المبحث الثاني: تعريف النفاق والمنافقين:
المطلب الأول: تعريف النفاق والمنافقين في اللغة.
المطلب الثاني: تعريف النفاق والمنافقين في الاصطلاح الشرعي.
المطلب الثالث: أنواع النفاق.
3. المبحث الثالث: تعريف التفسير:
المطلب الأول: تعريف التفسير لغةً.
المطلب الثاني: تعريف التفسير اصطلاحاً.
المطلب الثالث: أهمية علم التفسير.
المطلب الرابع: الهدف من التفسير.
4. المبحث الرابع: معنى السورة:
المطلب الأول: تعريف السورة لغةً.
المطلب الثاني: تعريف السورة اصطلاحاً.
الفصل الثالث: سورة الحديد
1. المبحث الأول: تمهيد.
2. المبحث الثاني: سبب التسمية.
3. المبحث الثالث: سبب النزول.
4. المبحث الرابع: محور مواضيع السورة.
الفصل الثالث: سورة الحديد.
1. المبحث الأول: تمهيد.
2. المبحث الثاني: أغراض السورة ومقاصدها.
3. المبحث الثالث: اسم السورة.
4. المبحث الرابع: وجه التسمية.
5. المبحث الخامس: فضل سورة الحديد.
الفصل الرابع: بيان صفات المنافقين الواردة في سورة الحديد على ضوء كتب التفاسير.
1. المبحث الأول: من تفسير ابن كثير.
2. المبحث الثاني: من تفسير الشوكاني.
3. المبحث الثالث: من تفسير الطبري.
4. المبحث الرابع: من تفسير السعدي.
5. المبحث الخامس: من تفسير الشنقيطي.
الفصل الخامس: صفات المنافقين عموماً.
الفصل السادس: طرق الوقاية والعلاج من النفاق:
1. المبحث الأول: الطرق الوقائية.
2. المبحث الثاني: الطرق العلاجية.
النتائج.
المراجع.
الفصل الأول:
التمهيد:
المبحث الأول: المقدمة:
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".( )
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً, يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً".( )
أما بعد:
فالقرآن الكريم هو المنهل العذب، والمورد الذي لا ينضب، فيه الحكم والمواعظ، فيه التشريع، والعلوم، والأخلاق، فهو مشعل هداية على طريق الإنسانية. أضاء لها؛ فأخرجها من الظلمات إلى النور، وأخذ بأيديها إلى الحق وإلى صراط مستقيم.
والمسلمون اليوم بأشد الحاجة للعودة إليه حتى يعود لهم سالف مجدهم، وبه يكونون سادة في الدنيا والآخرة.
ويتميز القرآن الكريم بأساليبه الرفيعة، في معالجة الموضوعات والقضايا والأفكار. فهو فعلاً كتاب هداية، وتربية يمتد إلى جوانب الحياة البشرية كلها، الدنيوية والأخروية. ومن هنا كانت العناية بكتاب الله، والنظر فيه، والتأمل والتدبر أمراً ليس بالهين.
ولقد كثر الحديث في القرآن الكريم عن النفاق والمنافقين، وعن صفاتهم وأخلاقهم, وأنهم شر أنواع الكفار، وأن مصيرهم في الدرك الأسفل من النار، ومن ثم تحذير المؤمنين منهم لأن: "بلية المسلم بهم أعظم من بليته بالكفار المجاهرين، ولهذا قال تعالى في حقهم:"هم العدو فاحذرهم"،( ) ومثل هذا اللفظ يقتضي الحصر، أي لا عدو إلا هم، ولكن لم يرد ها هنا لحصر العداوة فيهم وأنهم لا عدو للمسلمين سواهم، بل هذا من إثبات الأولية والأحقية لهم في هذا الوصف، وأنه لا يُتوهم بانتسابهم إلى المسلمين ظاهراً وموالاتهم لهم ومخالطتهم إياهم أنهم ليسوا بأعدائهم، بل هم أحق بالعداوة ممن باينهم في الدار، ونصب لهم العداوة وجاهرهم
بها، فإن ضرر هؤلاء المخالطين لهم المعاشرين لهم وهم في الباطن على خلاف دينهم أشد عليهم من ضرر من جاهرهم بالعداوة وألزم وأدوم، لأن الحرب مع أولئك ساعة أو أياماً ثم تنقضي ويعقبها النصر والظفر، وهؤلاء معهم في الديار والمنازل صباحاً ومساءً، يدلون العدو على عوراتهم، ويتربصون بهم الدوائر، ولا يمكنهم مناجزتهم، فهم أحق بالعداوة من المباين المجاهر".( )
وإن بلية الإسلام بالمنافقين شديدة جدّاً؛ لأنـهـم منسوبون إليه، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علـم وصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد.
فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه؟! ... وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه؟!
وكم من عَلَم له قد طمسوه؟! ... وكم ضربوا بمعاول الشّبه في أصول غراسه ليقلعوها؟!
فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شـبـهـهـم سريّة بعد سريّة، يزعمون أنهم بذلك مصلحون، "أَلا إنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ".( )
وقد تناولت في هذا البحث بعض صفات المنافقين وما يلحق بهم من أحكام, لعل الله ينفع بها كاتبها وقارئها, وقد بذلت فيه قصارى جهدي, فما كان فيه من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ أو تقصير فمن نفسي والشيطان.
وما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت وهو رب العرش العظيم, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
المبحث الثاني: موضوع الدراسة
1) ما معنى النفاق؟
2) من هم المنافقون؟
3) ما هي صفات المنافقين على ضوء كتب التفسير؟
4) كيف تعرضت السنة النبوية لجانب النفاق؟
5) ما هي الصفات العامة للمنافقين؟
6) ما هي خطورة النفاق على النفس البشرية؟
7) ما هو عقاب المنافقين؟
8) ما هو علاج للنفاق؟
9) ما هي أنواع النفاق؟
10) ما هي طرق الوقاية من النفاق؟
المبحث الثالث: أهمية الدراسة
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: " نبه الله سبحانه وتعالى على صفات المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون، فيقع بذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات الكبار أن يظن بأهل الفجور خيراً."( )
لأن خطر المنافقين داهم, فالمنافقون أعظم خطراً وضرراً من الكفار المجاهرين, كما أن المنافقين أغلظ كفراً وأشد عذاباً.
تحذير القرآن الكريم من النفاق وصفات المنافقين في آيات كثيرة.
تحذير النبي ﷺ من النفاق وذكره صفاتهم, فقد خاف النبي ﷺ على أمته من النفاق والمنافقين, وحذر وأنذر من سلوك المنافقين, وحذر من الوقوع في شعب النفاق في أحاديث كثيرة : فعن عمران بن حصين رضي الله عنهما مرفوعاً: [إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي: منافق عليم اللسان].( )
خوف السلف الصالح على أنفسهم من النفاق, فقد أخرج البخاري تعليقاً: أن ابن أبي مُلَيْكَة رحمه الله قال: " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي ﷺ كلهم يخاف النفاق على نفسه".( )
أنهم كثيرون, منتشرون في بقاع الأرض, كما قال الحسن البصري رحمه الله: " لولا المنافقون لاستوحشتم في الطرقات".( )
أن الإصرار على عدم معرفة الحق وبذل الجهد في سبيل تحصيله يوقع حتماً صاحبه في الزلل مصداقاً لقول الشاعر:
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه
ورضي الله تعالى عن الصحابي الجليل أمين سر رسول الله ﷺ حذيفة بن اليمان الذي نبهنا إلى هذه الحقيقة في الحديث المشهور عندما سأل رسول الله ﷺ عن الفتن فقال رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني........... الحديث.( )
الفصل الثاني:
التعريف بمصطلحات الدراسة
المبحث الأول: تعريف الصِّفَة:
الصفة أصلها وَصَفَ.
قال ابن فارس: الواو والصاد، والفاء، أصل واحد، هو تحلية الشيء، ووصفته أصفه وصفا. والصفة: الأمارة اللازمة للشيء.( )
قال ابن منظور: "وصَف الشيءَ له وعليه وصْفاً وصِفةً حَلاَّه والهاء عوض من الواو وقيل الوصْف المصدر والصِّفةُ الحِلْية.
الليث: الوصف وصفك الشيء بحِلْيته ونَعْته. وتواصَفُوا الشيءَ من الوصف, وقوله عز وجل: "وربُّنا الرحمن المستعان على ما تصفون"( ) أَراد ما تصفونه من الكذب واستوْصَفَه الشيءَ سأَله أَن يَصفه له, واتَّصَف الشيءُ أَمكن وصْفُه..."( )
والصِّفة: كالعِلْم والسواد. قال: وأَما النحويون فليس يريدون بالصفة هذا لأن الصفة عندهم هي النعت, والنعت هو اسم الفاعل نحو ضارب, والمفعول نحو مضروب وما يرجع إليهما من طريق المعنى نحو مثل وشبه, وما يجري مجرى ذلك, يقولون: رأَيت أَخاك الظَّريفَ, فالأَخ هو الموصوف والظريف هو الصفة, فلهذا قالوا لا يجوز أَن يضاف الشيء إلى صفته كما لا يجوز أَن يضاف إلى نفسه لأَن الصفة هي الموصوف عندهم أَلا ترى أَن الظريف هو الأَخ ؟( )
المبحث الثاني: تعريف النِّفَاق والمنافقين:
المطلب الأول: تعريف النفاق والمنافقين في اللغة:
اختلف علماء اللغة في أصل النفاق:
فقيل: إن ذلك نسبة إلى النفق, وهو السرب في الأرض؛ لأن المنافق يستر كفره ويُغيِّبُه، فتشبه بالذي يدخل النفق يستتر فيه.
وقيل : سُمي به من نافقاء اليربوع؛ فإن اليربوع له جُحر يُقال له: النافقاء، وآخر يُقال له: القاصعاء، فإذا طُلب من القاصعاء قصع فخرج من النافقاء، كذا المنافق يخرج من الإيمان من غير الوجه الذي يدخل فيه.
وقيل: نسبة إلى نافقاء اليربوع أيضاً، لكن من وجهٍ آخر وهو إظهاره غير ما يضمر، ذلك أنه يخرق الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهر الأرض ترك قشرة رقيقة حتى لا يعرف مكان هذا المخرج، فإذا رابه ريب دفع ذلك برأسه، فخرج، فظاهر جحره تراب كالأرض، وباطنه حفر، فكذلك المنافق ظاهره إيمان وباطنه كفر.( )
ولعل النسبة إلى نافقاء اليربوع أرجح من النسبة إلى النفق؛ لأن النفق ليس فيه إظهار شيء وإبطان شيء آخر، كما هو الحال في النفاق.( )
المطلب الثاني: تعريف النفاق والمنافقين في الاصطلاح الشرعي:
إظهار القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد،( ) أو هو: الذي يستر كفره, ويُظهر إيمانه، وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وإن كان أصله في اللغة معروفاً كما سبق.( )
وأساس النفاق الذي بُني عليه: أن المنافق لابد وأن تختلف سريرته وعلانيته، وظاهره وباطنه؛ ولهذا يصفهم الله في كتابه بالكذب كما يصف المؤمنين بالصدق، قال تعالى: "ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون",( ) وقال: "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون"( ) وأمثال هذا كثير.( )
إذن: أخص وأهم ما يميز المنافقين الاختلاف بين الظاهر والباطن، وبين الدعوى والحقيقة كما قال تعالى: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين",( ) قال الإمام الطبري رحمه الله: " أجمع جميعُ أهل التأويل على أنَّ هذه الآية نزلتْ في قومٍ من أهلِ النِّفاقِ، وأنَّ هذه الصفة صفتُهم".( )
وقد يُطلِق بعضُ الفقهاء لفظ الزنديق على المنافق، قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ولما كثرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ الزنديق, وشاعت في لسان الفقهاء، وتكلم الناس في الزنديق: هل تقبل توبته؟ والمقصود هنا: أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء، هو المنافق الذي كان على عهد النبي ﷺ وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره، سواء أأبطن ديناً من الأديان: كدين اليهود والنصارى أو غيرهم، أو كان معطلاً جاحداً للصانع والمعاد والأعمال الصالحة.( )
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في بيان مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم : الطبقة الخامسة عشر: طبقة الزنادقة، وهم قوم أظهروا الإسلام ومتابعة الرسل، وأبطنوا الكفر ومعاداة الله ورسله، هؤلاء هم المنافقون، وهم في الدرك الأسفل من النار.( )
المطلب الثالث: أنواع النفاق:
النفاق نوعان: اعتقادي وعملي.
1) النفاق الاعتقادي: وهو ستة أنواع، صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار:
الأول: تكذيب الرسول ﷺ.
الثاني: تكذيب بعض ما جاء به الرسول ﷺ.
الثالث: بغض الرسول ﷺ.
الرابع: بغض بعض ما جاء به الرسول ﷺ.
الخامس: المسرة بانخفاض دين الرسول ﷺ.
السادس: الكراهية بانتصار دين الرسول ﷺ.
2) النفاق العملي: وهو خمسة أنواع:
1- الكذب.
2- وإذا وعد أخلف.
3- وإذا ائتمن خان.
4- وإذا خاصم فجر.
5- وإذا عاهد غدر.
والدليل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ "( ). وفي رواية : " إذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر "( ).
النفاق الأصغر:
النفاق الأصغر هو: أن يظهر الإنسان أمراً مشروعاً ويبطن أمراً محرماً يخالف ما أظهره.
فكل من فعل أو قال قولاً مشروعاً واجباً أو مستحباً أو مباحاً, وقد أبطن ضد ما أظهره فقد فعل خصلة من خصال النفاق الأصغر ويسميه أهل العلم : ( النفاق العملي ) لأنه يتعلق بالأعمال وليس بالاعتقاد, وأطلق عليه بعض أهل العلم أيضاً : ( نفاقاً دون نفاق )
وحكم هذا النفاق أنه محرم, وكبيرة من كبائر الذنوب, ومن فعل خصلة من خصاله فقد تشبه بالمنافقين, ولكنه لا يخرج من ملة الإسلام بإجماع أهل العلم.
للنفاق الأصغر خصال كثيرة أهمها:
1) أن يكذب في كلامه متعمداً, ومن يسمع كلامه مصدق له.
2) أن يعد وفي نيته وقت الوعد أن لا يفي بما وعد به, ثم لا يفي فعلاً بهذا الوعد.
3) أن يخاصم غيره, ويفجر في خصومته, بأن يعدل عن الحق إلى الباطل متعمداً, فيدّعي ويحتج بالباطل والكذب, ليأخذ ما لا يجوز له أخذه .
4) أن يعاهد غيره بعهد, وفي نيته وقت العهد, وفي نيته وقت العهد أن لا يفي به, ثم لا يفي فعلاً بهذا العهد.
والدليل على كون هذه الخصال الأربع من النفاق الأصغر:
ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: " أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً, وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا وعد أخلف, وإذا خاصم فجر "( ).
5) الخيانة في الأمانة, وذلك بأن يأخذ الأمانات من الآخرين وفي نيته وقت أخذها أن يجحدها, ثم لا يؤدّيها إليهم, فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي ﷺ قال: "آية المنافق ثلاث, إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان "( ).
6) الرياء في الأعمال الصالحة , فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: ( أكثر أمتي قراؤها ) . والمراد بنفاق القراء: الرياء.
7) إعراض المسلم عن الجهاد, وعدم تحديث نفسه به, فقد روى مسلم عن النبي ﷺ أنه قال: " من مات ولم يغز ولم يحدّث به نفسه مات على شعبة من نفاق "( ).
8) إظهار مودة الغير, والتقرب إليه بما يحب, مع إضمار بغضه, أو التكلم فيه في غيبته بما لا يرضيه . فقد روى أبو يعلى عن محمد ابن زيد ابن عبد الله بن عمر, قال: قال أناس لابن عمر: إنا ندخل على سلطاننا, فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم, قال: كنا نعُدُّ هذا نفاقاً.
وبالجملة فإن من اجتمعت فيه أكثر خصال هذا النفاق, واستمر عليها فهو على خطر عظيم, ويخشى أن يقع في النفاق الأكبر, ولذلك خاف أصحاب النبي ﷺ. كعمر وحنظله وغيرهم, وخاف السلف الصالح على أنفسهم من الوقوع في النفاق الأصغر ...( )
المبحث الثالث: تعريف التفسير:
المطلب الأول: تعريف التَّفسير لغةً:
تفعيل من الفسر وأصل مادته اللغوية تدل على بيان شيء وإيضاحه ولذا قيل: الفسر: كشف المغطى. وقيل: هو مأخوذ من قولهم: فسرت الحديث, أفسره فسراً إذا بينته وأوضحته. وفسرته تفسيراً: كذلك. والأشهر في الاستعمال: فسَّر تفسيراً, بتشديد حرف السين في الماضي وبه جاء القرآن,( ) كما قال تعالى: "ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً".( )
وقيل: كشف معنى اللفظ وإظهاره مأخوذ من الفسر وهو مقلوب, يقال: أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته. ( )
وقيل: معنى التفسير لغة: الإظهار.( )
ومن الألفاظ التي تستخدم للدلالة على التفسير, لفظ التأويل ولفظ المعنى. قال ابن الأعرابي: " التفسير والتأويل والمعنى واحد."
وقد استخدم إمام المفسرين ابن جرير الطبري مصطلح التأويل بمعنى: التفسير في عنوان كتابه " جامع البيان عن تأويل آي القرآن."( )
المطلب الثاني: تعريف التَّفسير اصطلاحاً:
قال أبو حيان: التفسير: " علم يبحث فيه كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك".( )
وحدَّه ابن عرفه بقوله: " هن العلم بمدلول القرآن وخاصية كيفية دلالته وأسباب نزوله والناسخ والمنسوخ".( )
علم يعرف به فهم كتاب الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه.( )
المطلب الثالث: أهمية علم التَّفسير:
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:" كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن".( )
وأقام عبد الله بن عمر على حفظ البقرة عدة سنين. قيل: ثماني سنين وذلك لأنه ليس مجرد الحفظ بل استرشد بتعاليم هذه السورة وعمل بها بعد أن تدبر آياتها.
إذاً: من أجل العمل بالقرآن, بدأ بيانه وتفسيره, لأنه إنما نزل ليُعمل به, والعمل بالقرآن غير ممكن ولا ميسور, إلا إذا بُيِّنَ وعُلِمَ المراد به, ولهذا جاء فيه قوله تعالى: " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"".( )
قال سعيد بن جبير: من قرأ القرآن ثم لم يفسره كان كالأعمى أو كالأعرابي.( )
هذه النصوص وغيرها تدل على أهمية التفسير والحاجة الماسة إليه.( )
فشرف هذا العلم و فضله يتحقق في ناحيتين:
1. ناحية موضوعه الذي هو القرآن الكريم وهو خير الكلام لأنه كلام الله.
2. ناحية ظهوره فالتفسير كان أول ما اشتغل به علماء الإسلام قبل الاشتغال بتدوين بقية العلوم, وفيه كثرت مناظراتهم, وكان يحصل من مزاولته والدربة فيه لصاحبه ملكة يدرك بها أساليب القرآن ودقائق نظمه, فكان بذلك مفيداً علوماً كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد فمن أجل ذلك سمي علماً.( )
المطلب الرابع: الهدف من التفسير:
1. إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح.
2. إيجاد الشخصية الإسلامية المتكاملة المتوازنة.
3. الهداية إلى الله سبحانه وتعالى.
4. التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
5. سياسة الأمة وإيجاد المجتمع الإسلامي القرآني الأصيل.
6. القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم.
و عليه فإن هدف التفسير هو تحقيق تلك الأغراض الأساسية والمقاصد العامة للقرآن الكريم آنفاً.
فلا عجب أن نقول: إن أي تفسير من التفاسير لا يتحقق فيه هدف من الأهداف الرئيسة للقرآن – السابق ذكرها – فلا يستحق أن يسمى " تفسيراً ".( )
المبحث الرابع: معنى السورة:
المطلب الأول: تعريف السُّورة لغة:
للسورة في نطقها لغتان:
1. أولها: ( السورة ) بلا همز و هي الأشهر.
2. ثانيها: ( السؤرة ) مهموزة.
أما الأولى: أي التي لا تهمز: فقد قالوا في اشتقاقها أقوالاً عديدة:
1) السورة: الرفعة و المنزلة والشرف, وهي مأخوذة من سورة البناء ( وهي منزلة بعد منزلة ) وبه سميت سورة القرآن لإجلاله ورفعته.( )
قال الشاعر:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
معناه: أعطاك رفعة و منزلة.
2) قيل: سميت سورة القرآن تشبيها لها بسور المدينة لكونها محيطة بآيات و أحكام إحاطة السور بالمدينة.( )
3) و قيل: لتركيب بعضها على بعض من التسور بمعنى التصاعد والتركب ومنه قوله تعالى: " إذ تسوروا المحراب"( )
4) وقيل: السورة العلامة.
وأما الثانية: التي تهمز فهي من " أسأرت" أي أفضلت من السؤر وهو ما بقي من الشراب في الإناء كأنها قطعة من القرآن فالسورة سميت سؤرة لأنها قطعة من القرآن على حدة.
المطلب الثاني: تعريف السُّورة اصطلاحاً:
طائفة مستقلة من آيات القرآن ذات مطلع و مقطع.
وقال الجعبري: " حد السورة قرآن يشتمل على آي ذي فاتحة وخاتمة وأقلها ثلاث آيات"
وذكر بعض العلماء في اصطلاح السورة: أنها طائفة من آيات القرآن جمعت وضم بعضها إلى بعض حتى بلغت في الطول المقدار الذي أراده الله سبحانه و تعالى بها.( )
وسور القرآن مختلفة طولاً وقصراً, فأقصر سورة فيه سورة الكوثر وهي ثلاث آيات قصار.
وأطول سورة فيه سورة البقرة وهي ست وثمانون ومائتا آية. وأكثر آياتها من الآيات الطوال. وبين سورة البقرة وسورة الكوثر سور كثيرة تختلف طولاً وتوسطاً وقصراً.( )
قال صاحب اللسان: فسر: الفَسْرُ البيان. فَسَر الشيءَ يفسِرُه, بالكَسر, وتَفْسُرُه, بالضم, فَسْراً وفَسَّرَهُ أَبانه, والتَّفْسيرُ مثله, ابن الأَعرابي: التَّفْسيرُ والتأْويل والمعنى واحد. وقوله عز وجل: "وأَحْسَنَ تَفْسيراً" الفَسْرُ: كشف المغَطّى, والتَّفْسير: كَشف المراد عن اللفظ المشْكل, والتأْويل ردّ أَحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر.
واسْتَفْسَرْتُه كذا أَي: سأَلته أَن يُفَسِّره لي.
والفَسْر: نظر الطبيب إلى الماء, وكذلك التَّفْسِرةُ. قال الجوهري: وأَظنه مولَّداً. وقيل: التَّفْسِرةُ البول الذي يُسْتَدَلُّ به على المرض, وينظر فيه الأطباء يستدلون بلونه على علة العليل, وهو اسم كالتَّنْهِيَةِ, وكل شيء يعرف به تفسير الشيء ومعناه فهو تَفْسِرَتُه.( )
الفصل الثالث:
سورة الحديد
المبحث الأول: تمهيد:
السورة مدنية عند الجمهور وصدرها مكي وعدد آياتها تسع وعشرون.
المبحث الثاني: أغراض السورة ومقاصدها:
ابتدأت السورة بالحديث عن أسماء الله وصفاته الحسنى وسعة قدرته وملكوته, والأمر بالإيمان بوجوده, وبما جاء به رسوله ﷺ ثم تلتها الآيات وهي تدعو المسلمين إلى البذل والسخاء والإنفاق في سبيل الله. وتحدثت عن أهل الإيمان وأهل النفاق , فالمؤمنون يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم, والمنافقون يتخبطون في الظلمات. ثم دعت السورة إلى قلة الاكتراث بالحياة الفانية, وأمرت بالصبر على النوائب والتنويه بحكمة إرسال الرسل والكتب لإقامة أمور الناس على العدل العام.
وختمت السورة بالاعتبار بالأمم السابقة وبقصص نوح وإبراهيم وأحفادهم الرسل, وبقصة عيسى ابن مريم, ومواقف أتباعه من دعوته, وأوضحت ثواب المتقي ومضاعفة أجر المؤمنين وأبانت أن الرسالة اصطفاء من الله وفضل يختص به من يشاء من عباده.( )
المبحث الثالث: اسم السورة:
اشتهرت تسمية هذه السورة بسورة الحديد في كلام الصحابة رضوان الله عليهم كما وقع في حديث إسلام عمر بن الخطاب أنه رضي الله عنه دخل على أخته قبل أن يسلم فإذا صحيفة فيها أول سورة الحديد فقرأه حتى بلغ: "آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه"( ) فأسلم( ).
وعن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا: "نزلت سورة الحديد بالمدينة"( ).
بهذا الاسم سميت السورة في المصاحف وكتب التفسير والسنة.
المبحث الرابع: وجه التسمية:
سميت سورة الحديد لوقوع لفظ الحديد فيها في قوله: "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز"( ).
ولفظ الحديد قد ذكر في سورة أخرى وهي سورة الكهف في قوله: : " آتوني زبر الحديد"( ). وهي متقدمة على سورة الحديد في النزول إلا أنها لم تسم سورة الحديد, لأنها سميت بالكهف للاعتناء بقصة أهل الكهف, ولأن الحديد الذي ذكر في هذه السورة هو حديد السلاح الذي هو من نعم الله التي تحصل بها النفع والتأييد والدفاع عن الدين( ).
كما ورد في سورة الحج : "ولهم مقامع من حديد"( ).
وفي سبأ في قوله تعالى:"ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد"( ).
وفي سورة ق في قوله تعالى: "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد"( ).
ووقع لفظ (حديداً) في سورة الإسراء في قوله تعالى: "قل كونوا حجارة أو حديداً "( ).
قال المهايمي في وجه التسمية : [سميت به, لأنه ناصر لله ولرسوله في الجهاد, فنزل منزلة الآيات الناصرة لله ولرسوله, على أنه سبب لإقامة العدل كالقرآن, وأيضاً أنه جامع للمنافع فأشبهه أيضاً فسميت سورة ذكر فيها بذلك]( ).
وليس لهذه السورة اسم آخر غيره ولم يعدها السيوطي في الإتقان( ), وفي عداد السور ذوات الاسمين فأكثر.
المبحث الخامس: فضل سورة الحديد:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أتى رجل رسول الله ﷺ فقال: أقرئني يا رسول الله, فقال : "اقرأ ثلاثاً من ذوات آلر" فقال: كبرت سني واشتد قلبي وغلظ لساني. قال "فاقرأ ثلاثاً من ذوات حم ". فقال مثل مقالته. فقال: " اقرأ ثلاثاً من المسبحات ". فقال مثل مقالته, فقال الرجل: يا رسول الله أقرئني سورة جامعة. فأقرأه النبي ﷺ "إذا زلزلت الأرض" حتى فرغ منها. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبداً. ثم أدبر الرجل فقال النبي ﷺ " أفلح الرويجل" مرتين( ).
وعن عرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وقال: "إن فيهن آية, أفضل من ألف آية"( ).( )
الفصل الرابع:
بيان صفات المنافقين في سورة الحديد على ضوء كتب التفسير
الآيات:
﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ"13" يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾"14"ـ ( )
المبحث الأول: من تفسير ابن كثير:
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة، والزلازل العظيمة، والأمور الفظيعة وإنه لا ينجو يومئذ إلا من آمن بالله ورسوله، وعمل بما أمر الله، به وترك ما عنه زجر.
... قوله: " فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " قال الحسن، وقتادة: هو حائط بين الجنة النار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال الله تعالى: " وبينهما حجاب ". وهكذا روي عن مجاهد، رحمه الله، وغير واحد، وهو الصحيح.
" باطنه فيه الرحمة " أي: الجنة وما فيها " وظاهره من قبله العذاب " أي: النار. قاله قتادة، وبن زيد، وغيرهما.
قال بن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم. ثم قال: حدثنا ابن البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوام - مؤذن بيت المقدس- قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: إن السور الذي ذكر الله في القرآن: "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنم.
ثم روي عن عبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وعلي بن الحسين زين العابدين، نحو ذلك. وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك، لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم؛ فإن الجنة في السموات في أعلى عليين، والنار في الدركات أسفل سافلين. وقول كعب الأحبار: إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد، فهذا من إسرائيلياته وترهاته. وإنما المراد بذلك: سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه، فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة "ينادونهم ألم نكن معكم" أي: ينادي المنافقون المؤمنين: أما كنا معكم في الدار الدنيا، نشهد معكم الجمعات، ونصلي معكم الجماعات، ونقف معكم بعرفات، ونحضر معكم الغزوات، ونؤدي معكم سائر الواجبات؟ "قالوا بلى" أي: فأجاب المؤمنون المنافقين قائلين: بلى، قد كنتم معنا، "ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني" قال بعض السلف: أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات "وتربصتم" أي: أخرتم التوبة من وقت إلى وقت.
وقال قتادة: "وتربصتم" بالحق وأهله "وارتبتم" أي: بالبعث بعد الموت "وغرتكم الأماني" أي: قلتم: سيغفر لنا. وقيل: غرتكم الدنيا "حتى جاء أمر الله" أي: ما زلتم في هذا حتى جاء الموت "وغركم بالله الغرور" أي: الشيطان.
قال قتادة: كانوا على خدعة من الشيطان، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار.
ومعنى هذا الكلام من المؤمنين للمنافقين: إنكم كنتم معنا أي بأبدان لا نية لها ولا قلوب معها، وإنما كنتم في حيرة وشك فكنتم تراءون الناس ولا تذكرون الله إلا قليلاً.
قال مجاهد: كان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم ويغشونهم ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتاً، ويعطون النور جميعاً يوم القيامة، ويطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور، ويماز بينهم حينئذ.
وهذا القول من المؤمنين لا ينافي قولهم الذي أخبر الله به عنهم، حيث يقول - وهو أصدق القائلين - : "كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين "، فهذا إنما خرج منهم على وجه التقريع لهم والتوبيخ. ثم قال تعالى:"فما تنفعهم شفاعة الشافعين"، كما قال تعالى هاهنا:"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا" أي: لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهبا ومثله معه ليفتدى به من عذاب الله، ما قبل منه.
وقوله:"مأواكم النار" أي: هي مصيركم وإليها منقلبكم.
وقوله:"هي مولاكم" أي: هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم، وبئس المصير.( )
المبحث الثاني: من تفسير الشوكاني:
يقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره:
"فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ" السُّور: هو الحاجز بين الشيئين، والمراد به هنا الحاجز بين الجنة والنار، أو بين أهل الجنة وأهل النار. قال الكسائي: والباء في بسور زائدة . ثم وصف سبحانه السُّور المذكور فقال:"لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة" أي: باطن ذلك السور؛ وهو الجانب الذي يلي أهل الجنة فيه الرّحمة: وهي الجنة, "وظاهره" وهو الجانب الذي يلي أهل النار, "مِن قِبَلِهِ العذاب" أي: من جهته عذاب جهنم، وقيل: إن المؤمنين يسبقونهم فيدخلون الجنة، والمنافقون يحصلون في العذاب وبينهم السور، وقيل: إن الرّحمة التي في باطنه: نور المؤمنين، والعذاب الذي في ظاهره: ظلمة المنافقين. ولما ضرب بالسور بين المؤمنين والمنافقين أخبر الله سبحانه عما قاله المنافقون إذ ذاك، فقال:"ينادونهم أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ" أي: موافقين لكم في الظاهر نصلي بصلاتكم في مساجدكم، ونعمل بأعمال الإسلام مثلكم، والجملة مستأنفة كأنه قيل: فماذا قال المنافقون بعد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين؟ فقال:"ينادونهم"، ثم أخبر سبحانه عما أجابهم به المؤمنون فقال:"قَالُواْ بلى" أي: كنتم معنا في الظاهر.
"ولكنكم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ" بالنفاق وإبطان الكفر، قال مجاهد: أهلكتموها بالنفاق، وقيل: بالشهوات واللذات"وَتَرَبَّصْتُمْ" بمحمد ، وبمن معه من المؤمنين حوادث الدّهر، وقيل: تربصتم بالتوبة، والأوّل أولى "وارتبتم" أي: شككتم في أمر الدين ولم تصدّقوا ما نزل من القرآن، ولا بالمعجزات الظاهرة "وَغرَّتْكُمُ الأماني" الباطلة التي من جملتها ما كنتم فيه من التربص، وقيل: هو طول الأمل، وقيل: ما كانوا يتمنونه من ضعف المؤمنين، وقال قتادة: الأمانيّ هنا: غرور الشيطان، وقيل: الدنيا، وقيل: هو طمعهم في المغفرة، وكل هذه الأشياء تدخل في مسمى الأمانيّ.
"حتى جَاء أَمْرُ الله" وهو الموت، وقيل: نصره سبحانه لنبيه . وقال قتادة: هو إلقاؤهم في النار. "وَغَرَّكُم بالله الغرور" قرأ الجمهور "الغرور" بفتح الغين، وهو صفة على فعول، والمراد به: الشيطان: أي خدعكم بحلم الله، وإمهاله الشيطان. وقرأ أبو حيوة، ومحمد بن السميفع، وسماك بن حرب بضمها، وهو مصدر.
"فاليوم لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ" تفدون بها أنفسكم من النار أيها المنافقون "وَلاَ مِنَ الذين كَفَرُواْ" بالله ظاهراً وباطناً "مَأْوَاكُمُ النار" أي: منزلكم الذي تأوون إليه النار.
"هِىَ مولاكم" أي: هي أولى بكم، والمولى في الأصل من يتولى مصالح الإنسان، ثم استعمل فيمن يلازمه، وقيل: معنى "مولاكم": مكانكم عن قرب، من الولي، وهو القرب. وقيل: إن الله يركب في النار الحياة والعقل، فهي تتميز غيظاً على الكفار، وقيل المعنى: هي ناصركم على طريقة قول الشاعر :
تحية بينهم ضرب وجيع ...
"وَبِئْسَ المصير" الذي تصيرون إليه وهو النار.
وقد أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود "يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ" قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم يمرّون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، وأدناهم نوراً من نوره على إبهامه يطفأ مرّة، ويوقد أخرى. وأخرج ابن جرير، وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نوراً، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلهم من الله إلى الجنة، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا إلى النور تبعوهم، فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ: "انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ" فإنا كنا معكم في الدنيا، قال المؤمنون: "ارجعوا وَرَاءكُمْ" من حيث جئتم من الظلمة "فالتمسوا" هنالك النور. وأخرج الطبراني، وابن مردويه عنه قال: قال رسول الله : « إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم ستراً منه على عباده، وأما عند الصراط، فإن الله يعطى كل مؤمن نوراً، وكل منافق نوراً، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون: "انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ" وقال المؤمنون: "رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا" فلا يذكر عند ذلك أحد أحداً » وفي الباب أحاديث وآثار.
وأخرج عبد بن حميد عن عبادة بن الصامت: أنه كان على سور بيت المقدس، فبكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: هاهنا أخبرنا رسول الله أنه رأى جهنم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن السور الذي ذكره الله في القرآن "فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ" هو: السور الذي ببيت المقدس الشرقي "بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة" المسجد "وظاهره مِن قِبَلِهِ العذاب" يعني: وادي جهنم، وما يليه.
ولا يخفاك أن تفسير السور المذكور في القرآن في هذه الآية بهذا السور الكائن ببيت المقدس فيه من الإشكال ما لا يدفعه مقال، ولاسيما بعد زيادة قوله: "باطنه فيه الرّحمة" المسجد، فإن هذا غير ما سيقت له الآية، وغير ما دلت عليه، وأين يقع بيت المقدس أو سوره بالنسبة إلى السور الحاجز بين فريقي المؤمنين والمنافقين، وأيّ معنى لذكر مسجد بيت المقدس هاهنا، فإن كان المراد أن الله سبحانه ينزع سور بيت المقدس، ويجعله في الدار الآخرة سوراً مضروباً بين المؤمنين والمنافقين، فما معنى تفسير باطن السور، وما فيه من الرّحمة بالمسجد، وإن كان المراد: أن الله يسوق فريقي المؤمنين والمنافقين إلى بيت المقدس، فيجعل المؤمنين داخل السور في المسجد، ويجعل المنافقين خارجه، فهم إذ ذاك على الصراط وفي طريق الجنة، وليسوا ببيت المقدس، فإن كان مثل هذا التفسير ثابتاً عن رسول الله قبلناه، وآمنا به، وإلاّ فلا كرامة ولا قبول. وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "ولكنكم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ" قال: بالشهوات واللذات "وَتَرَبَّصْتُمْ" قال: بالتوبة "وَغرَّتْكُمُ الأماني حتى جَاء أَمْرُ الله" قال: الموت "وَغَرَّكُم بالله الغرور" قال: الشيطان.( )
المبحث الثالث: من تفسير الطبري:
قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره:
يقول تعالى ذكره: هو الفوز العظيم في يوم يقول المنافقون والمنافقات، واليوم من صلة الفوز للذين آمنوا بالله ورسله:"انظرونا".
... وقوله:"فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ" يقول تعالى ذكره: فضرب الله بين المؤمنين والمنافقين بسُور، وهو حاجز بين أهل الجنة وأهل النار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:"بِسُورٍ لَهُ بَابٌ" قال: كالحجاب في الأعراف.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ" السور: حائط بين الجنة والنار. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:"فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ" قال: هذا السور الذي قال الله:"وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ".
وقد قيل: إن ذلك السور ببيت المقدس عند وادي جهنم.
ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا الحسن بن بلال، قال: ثنا حماد، قال: أخبرنا أبو سنان، قال: كنت مع عليّ بن عبد الله بن عباس، عند وادي جهنم، فحدث عن أبيه قال:"فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ" فقال: هذا موضع السور عند وادي جهنم.
حدثني إبراهيم بن عطية بن رُدَيح بن عطية، قال: ثني عمي محمد بن رُدَيح بن عطية، عن سعيد بن عبد العزيز، عن أبي العوّام، عن عُبادة بن الصامت، أنه كان يقول:"بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ"، قال: هذا باب الرحمة.
حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوّام مؤذّنِ بيت المقدس، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إن السور الذي ذكره الله في القرآن:"فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ" هو السور الشرقيّ، باطنه المسجد، وظاهره وادي جهنم.
حدثني محمد بن عوف، قال: ثنا أبو المُغيرة، قال: ثنا صفوان، قال: ثنا شريح أن كعبا كان يقول في الباب الذي في بيت المقدس: إنه الباب الذي قال الله:"فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ".
وقوله:"لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ" يقول تعالى ذكره: لذلك السور باب،باطنه فيه الرحمة، وظاهره من قبل ذلك الظاهر العذاب: يعني النار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:"وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ" : أي النار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:"بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ" قال: الجنة وما فيها.
وقوله:"يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى" يقول تعالى ذكره: ينادي المنافقون المؤمنين حين حُجز بينهم بالسور، فبقوا في الظلمة والعذاب، وصار المؤمنون في الجنة، ألم نكن معكم في الدنيا نصلي ونصوم، ونناكحكم ونوارثكم؟ قالوا: بلى، يقول: قال المؤمنون: بلى، بل كنتم كذلك، ولكنكم فَتَنْتمْ أنفسكم، فنافقتم، وفِتْنَتهم أنفسَهم في هذا الموضع كانت النفاق.
وكذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:"فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ" قال: النفاق، وكان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم، ويغشَوْنهم، ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتًا، ويعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور، ويماز بينهم حينئذ.
وقوله:"وَتَرَبَّصْتُمْ" يقول: وتلبثتم بالإيمان، ودافعتم بالإقرار بالله ورسوله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:"وَتَرَبَّصْتُمْ" قال: بالإيمان برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقرأ:"فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ"
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:"وَتَرَبَّصْتُمْ" يقول: تربصوا بالحق وأهله، وقوله:"وَارْتَبْتُمْ" يقول: وشككتم في توحيد الله، وفي نبوّة محمد .
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:"وَارْتَبْتُمْ": شكوا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:"وَارْتَبْتُمْ": كانوا في شكّ من الله.
وقوله:"وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ" يقول: وخدعتكم أمانيّ نفوسكم، فصدتكم عن سبيل الله، وأضلتكم."حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ" يقول: حتى جاء قضاء الله بمناياكم، فاجتاحتكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ": كانوا على خدعة من الشيطان، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار.
وقوله:"وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" يقول: وخدعكم بالله الشيطان، فأطمعكم بالنجاة من عقوبته، والسلامة من عذابه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال:"الْغُرُورِ": أي الشيطان.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ": أي الشيطان.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:"وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ": الشيطان.( )
المبحث الرابع: من تفسير السعدي:
يقول تعالى مبيناً لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة: "يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ", أي: إذا كان يوم القيامة، وكورت الشمس، وخسف القمر، وصار الناس في الظلمة، ونصب الصراط على متن جهنم، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب، كل على قدر إيمانه، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة، فيقال: "بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ", فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم، وألذها لنفوسهم، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب، ونجوا من كل شر ومرهوب، فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين: "انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ" أي: أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ " قِيلَ " لهم: "ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا" أي: إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات، "فَضُرِبَ" بين المؤمنين والمنافقين "بِسُورٍ" أي: حائط منيع، وحصن حصين، " لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ " وهو الذي يلي المؤمنين, "وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ " وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين، فيقولون لهم تضرعاً وترحماً: " أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ " في الدنيا نقول: لا إله إلا الله, ونصلي ونصوم ونجاهد، ونعمل مثل عملكم؟ "قَالُوا بَلَى " كنتم معنا في الدنيا، وعملتم في الظاهر مثل عملنا، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين، من غير إيمان ولا نية صادقة صالحة، بل " فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ " أي: شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا، " وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ " الباطلة، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين، وأنتم غير موقنين، " حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ " أي: حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة.
" وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ " وهو الشيطان، الذي زين لكم الكفر والريب، فاطمأننتم به، ووثقتم بوعده، وصدقتم خبره. " فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا " فلو افتديتم بمثل الأرض ذهبا ومثله معه، لما تقبل منكم، " مَأْوَاكُمُ النَّارُ " أي: مستقركم، " هِيَ مَوْلاكُمْ " التي تتولاكم وتضمكم إليها، "وَبِئْسَ الْمَصِيرُ " النار( ).
المبحث الخامس: من تفسير الشنقيطي:
قوله تعالى : " ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور" .
الضمير المرفوع في "ينادونهم" راجع إلى المنافقين والمنافقات، والضمير المنصوب راجع إلى المؤمنين والمؤمنات، وقد ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المنافقين والمنافقات إذا رأوا نور المؤمنين يوم القيامة يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، قالوا لهم: "انظرونا نقتبس من نوركم"، وقيل لهم جوابا لذلك: "ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً"، وضرب بينهم بالسور المذكور أنهم ينادون المؤمنين: "ألم نكن معكم"، أي في دار الدنيا، كنا نشهد معكم الصلوات ونسير معكم في الغزوات وندين بدينكم ؟ قالوا: "بلى"، أي كنتم معنا في دار الدنيا ، "ولكنكم فتنتم أنفسكم".
وقد قدمنا مراراً معاني الفتنة وإطلاقاتها في القرآن، وبينا أن من معاني إطلاقاتها في القرآن: الضلال كالكفر والمعاصي، وهو المراد هنا أي: فتنتم أنفسكم: أي أضللتموها بالنفاق الذي هو كفر باطن، ومن هذا المعنى قوله تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"، أي لا يبقى شرك كما تقدم إيضاحه، وقوله: "وتربصتم"، التربص: الانتظار, والأظهر أن المراد به هنا تربص المنافقين بالمؤمنين الدوائر, أي انتظارهم بهم نوائب الدهر أن تهلكهم، كقوله تعالى في منافقي الأعراب المذكورين في قوله: "وممن حولكم من الأعراب منافقون، ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء".
وقوله تعالى: "وارتبتم" أي: شككتم في دين الإسلام، وشكهم المذكور هنا وكفرهم بسببه بينه الله تعالى في قوله عنهم: "إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون".
وقوله تعالى : وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله، الأماني جمع أمنية، وهي ما يمنون به أنفسهم من الباطل، كزعمهم أنهم مصلحون في نفاقهم، وأن المؤمنين حقا سفهاء في صدقهم، أي في إيمانهم، كما بين تعالى ذلك في قوله: "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون" الآية، وقوله تعالى: "وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء..." الآية.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الأماني المذكورة من الغرور الذي اغتروا به جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى : " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به", إلى قوله : "ولا يظلمون نقيراً ".
وقوله : "حتى جاء أمر الله"، الأظهر أنه الموت لأنه ينقطع به العمل .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : "وغركم بالله الغرور"، هو الشيطان، وعبر عنه بصيغة المبالغة التي هي المفعول لكثرة غروره لبني آدم، كما قال تعالى : "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً".
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الشيطان الكثير الغرور غرهم بالله جاء موضحا في آيات أخر كقوله تعالى في آخر لقمان : "إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور", وقوله في أول فاطر : "يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير".
وقوله تعالى في آية لقمان وآية فاطر المذكورتين " إن وعد الله حق", وترتيبه على ذلك النهي عن أن يغرهم بالله الغرور دليل واضح على أن مما يغرهم به الشيطان أن وعد الله بالبعث ليس بحق، وأنه غير واقع. والغرور بالضم الخديعة ( ).
الفصل الخامس
صفات المنافقين عموماً
1. مرض القلب: " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً "( ).
2. الطمع الشهواني: " ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض "( ).
3. الزيغ بالشبه: " ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض "( ).
4. الظن السيئ بالله: "ليعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً "( ).
5. الاستهزاء بآيات الله, والجلوس إلى المستهزئين بآيات الله: "وقد نزل عليكم أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً "( ).
6. التستر ببعض الأعمال المشروعة للإضرار بالمؤمنين: " والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وارصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون "( ).
7. التفريق بين المؤمنين والدس والوقيعة وإشعال نار الفتنة واستغلال الخلافات وتوسيع شقتها.
8. الإفساد في الأرض وادعاء الإصلاح: " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"( ), " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد"( ).
9. السفه ورمي المؤمنين بالسفه: "وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون"( ).
10. اللدد في الخصومة مع إتيانه في بعض الأحيان بالقول الجميل: " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام "( ).
11. عدم الأوبة للحق وتأخذه الحميه والغضب بالباطل وبالإثم: " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد"( ).
12. موالاة الكافرين التربص بالمؤمنين: "بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليماً الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً "( ).
13. الاتفاق مع أهل الكتاب ضد المؤمنين و التولي في القتال: " ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون"( ).
14. الطبع على القلوب فلا يفقهون: " ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفاً أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم"( ).
15. فتنة النفس والتربص والاغترار بالأماني: " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ... ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور"( ).
16. مخادعة الله, والكسل في العبادات, والرياء, وقلة الذكر, والتذبذب بين المؤمنين والكافرين: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً "( ).
17. مخادعة المؤمنين أيضاً: "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون "( ).
18. التحاكم إلى الطاغوت, والصدود عما أنزل الله, وعدم الرضا بالتحاكم إليه: " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً .( )"
19. الإفساد بين المؤمنين: " لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين"( ).
20. الحلف الكاذب, والخوف والجبن والهلع, وكره المسلمين, والخروج عن دائرتهم: " ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأً أو مغارات أو مدخلاً لولوا إليه وهم يجمحون"( ), "يحسبون كل صيحة عليهم ..."( ).
21. ظهور الرعب عليهم عند ذكر القتال في آيات الله: "ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم"( ).
22. الكذب, وإخلاف الوعد, وخيانة الأمانة ... للحديث: " آية المنافق ثلاث, إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان"( ), وفي رواية " وإذا خاصم فجر "( ).
23. يعيبون العمل الصالح, ويرضون ويسخطون لحظوظ أنفسهم: "ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون "( ).
24. يسخرون من العمل القليل من المؤمنين, ولا يرضيهم شيء: " الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم "( ).
25. الرضا بأسافل المواضع: " وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون "( ).
26. الأمر بالمنكر, والنهي عن المعروف, والبخل, ونسيان الله: " المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون "( ).
27. الغدر, وعدم الوفاء بالعهود مع الله: " ومنهم من عاهد الله لان آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون "( ).
28. الفرح بالتخلف عن الجهاد وكره ذلك, والتواصي بالتخلف عن الجهاد: " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون "( ).
29. التخذيل والتثبيط, والإرجاف: " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً "( ).
30. لا ترى نصرة الله لهم: " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً "( ).
31. قطع الأرحام: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم "( ).
32. طاعة الكفار والمنافقين والفاسقين في بعض الأمر: " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم "( ).
33. كره ما يرضي الله: " ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم "( ).
34. ظهور الأضغان منهم, والتعرف عليهم في لحن القول: " أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم "( ).
35. البطء عن المؤمنين: " وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيداً ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً "( ).
36. لا ينفعهم القرآن بل يزيدهم رجساً إلى رجسهم: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم رجس فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون "( ).
37. العودة إلى ما نهوا عنه, والتناجي بالإثم والعدوان, ومعصية الرسول ﷺ : " ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ... "( ).
38. الاستئذان عن الجهاد بحجة الفتنة: " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين "( ).
39. اتخاذ الأعذار عند التخلف: " يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم ..."( ).
40. التخفي من الناس وعدم التخفي من الله: " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً "( ).
41. يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا, مثل: (قصة الإفك): " إن الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون "( ).
42. الفرح بما يصيب المؤمنين من ضراء, والاستياء بما يمكن الله لهم: " إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون "( ).
43. زيادة في الجسم في بعض الأحيان: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم "( ), " فلا تعجبك أموالهم ولا أجسامهم ..." الآيات( ).
الفصل السادس
طرق الوقاية والعلاج من النفاق
المبحث الأول: الطرق الوقائية:
1) التعرف على صفاتهم وطرق كيدهم من القرآن الكريم.
2) التعريف بالنفاق وطرقه وأساليبه وصفات أصحابه وفضح مخططاتهم وأساليبهم.
3) ترك موالاة من بدت عليه مظاهر النفاق وصدرت عنه أعمال المنافقين وأقوالهم, والله تعالى يقول: " فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله "( ).
4) مقاطعة المنافقين واجتناب مجالسهم التي يخوضون فيها فيما لا يرضي الله عز وجل وقد قال تعالى: " بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليماً الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً "( ).
5) وضعهم موضع الشك وعدم الثقة بأقوالهم وإشاعاتهم وأراجيفهم, فهم في عهد النبي ﷺ يفسدون ويثبطون ويرمون المسلمين بالإفك والفاحشة ويستعينون بالحلف والحديث الحسن في ظاهره, فالأصل فيهم الإساءة والإفساد حتى يثبت خلاف ذلك وقد قال الله فيمن يسمع لهم" لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين "( ).
6) الحيلولة بينهم وبين المراكز الخطرة والهامة, وإخراجهم من صفوف المسلمين عند العزم على القيام بأعمال خطيرة وخاصة عند الجهاد. فالمنافقون لا يُستأمنون على ثغور المسلمين لأن في هزيمة المسلمين تحقيق لمآربهم.
7) صيانة الصف المسلم من التنازع والتدابر والتقاطع وذلك حتى لا يجد المنافقون أرضاً خصبة يلقون فيها الفتن " وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.( )"
8) الحرص على رباط الأخوة الإيمانية بين المؤمنين ورفعه وتقديمه على كل علاقة أخرى مهما كانت, لأن المنافقين ينطلقون من منطلقات عصبية نتنة في فتنهم, وهذا يجب أن يُرد بالاستمساك بالأخوة الإيمانية التي تربطهم بالله تعالى وتفضيلها على كل رابطة دنيوية سواء كانت قرابة أو صداقة أو تجارة أو غير ذلك .
9) حسن الظن بالمؤمنين وعدم الالتفات إلى ما ينسبه المنافقون إليهم من التهم والفواحش فهذا من أحسن الوقايات أمام نقد المنافقين وإشاعة الفواحش بينهم فال تعالى: " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خسراً وقالوا هذا إفك مبين "( ).
10) الاحتياط والحذر من أهل النفاق عند العزم على اتخاذ إجراءات مهمة, وذلك بالكتمان والسرية وتعمية الأخبار على المنافقين والجهلة حتى لا ينقلوا إلى هؤلاء المنافقين وحتى لا ينقلها المنافقون إلى أوليائهم من الكفار. وكان رسول الله ﷺ إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها .
المبحث الثاني: الطرق علاجية:
"أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغاً "( ).
1. تذكيرهم بما سيكون لهم من العذاب الشديد في اليوم الآخر ما يزيد عن عذاب الكفار المجاهرين, قال تعالى: " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً "( ).
2. التبيين بأن باب التوبة مفتوح لهم قبل انتهاء أجلهم في الحياة الدنيا, قال تعالى: " إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم وكان الله شاكراً عليماً "( ).
3. تذكيرهم بعلم الله الشامل المحيط بما تكنه صدورهم من النفاق وأنهم إن استطاعوا ستره عن المؤمنين فإن الله علام الغيوب مطلع على السرائر, قال تعالى: " ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب "( ).
4. تذكيرهم بقضاء الله النافذ وقدره, وأن الأمر بيد الله سبحانه لا بأيديهم, وأن خططهم ومكائدهم لن تنجيهم من قدر الله عز وجل, ولن يثمر إلا ما يأذن به الله, وأن ما كتب عليهم لن يدفع بالمكر والخديعة .
5. الغلظة عليهم في معاملتهم في الحياة الدنيا, وعدم التساهل معهم, وزجرهم بشدة في كل مرة تظهر عليهم علامة من علامات النفاق, قال تعالى: " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم "( ). وقال تعالى: " يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين "( ).
6. حرمانهم من الفرص التي يحققون بها شهواتهم ويشبعون بها نزعاتهم المادية, وعدم تكليفهم بما يرغبونه من التكاليف السهلة التي يكون غنمها أكبر من غرمها قال تعالى: " سيقول المنافقون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً "( ).
7. وضعهم في امتحانات كاشفة تكشف صدقهم من كذبهم, قال تعالى: " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً "( ).
8. من العقوبات المعنوية للمنافقين أنهم إذا عُرفوا لا يجوز الاستغفار لهم, كما قال تعالى: " ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون "( ). وقال عن رد نفقاتهم وعدم قبولها: " قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوماً فاسقين وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون "( ).
9. الإعراض عنهم والصبر على ألفاظهم وكلماتهم, قال تعالى: " أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً "( ).
المبحث الثالث: مسألة: هل المجاملة من أنواع النفاق؟ أم هي نوع من الدبلوماسية لكسب الأصدقاء؟
هناك حدٌ أدنى من المجاملة يعد أمراً محموداً، بل ومطلوباً أيضاً.
نحتاج من المجاملة القدر الذي يكفي فقط لإظهار تقديرنا واحترامنا للآخرين ولا شيء آخر. والحق أن معظم عللنا المستوطنة يعود سببها إلى مورثة المجاملة السالبة.
المجاملة السالبة هي التي تدفع بالشخص أو المسئول إلى التنازل عن مبادئه الكبيرة من أجل إرضاء طرف آخر, تحت مبررات يختلقها لنفسه.
تسبب المجاملة عمى للفرد، فلا يعود يرى الخطوط الفاصلة بين ما هو حق للناس وبين ما هو افتراء على الحق، ولكن المطلوب من المجاملة ما يكفي فقط لإظهار تقديرنا لمشاعر الآخرين واحترامنا لكرامتهم دون أن نتجاوز الخط الفاصل بين ما هو لهم وما هو لغيرهم.
يقول أحد العلماء : في الحقيقة هناك فرق شاسع بين المجاملة والنفاق, فالمجاملة اصطلاح جميل جداً ومعبر، ومقتبس من لفظة {الجمال}, والله جميل يحب الجمال، فمن يستعمل المجاملة إنما هو رجل يحترم الآخرين ولبق وعنده كياسة ويحسن الرد.
والمجاملة ملح العلاقات, فهي مثل الملح في الطعام, حيث أن الملح لو زاد فلا يمكن الأكل, ولو نقص حصل نفس الشيء, وكذالك المجاملة إذا زادت عن الحد يمكن تتحول إلى كذب وإذا نقصت فإن الإنسان يتحول إلى شخص قاس وجارح, وفي النهاية الأمر يعود على طبيعة الشخص, ولعل من أهم الأمور أن يعرف الإنسان متى يجامل ومتى يكون صريحاً, وما هي حدود المجاملة, ومتى تتحول المجاملة إلى كذب ويحاول أن يتجنبها.( )
الفصل السابع
النتائج:
1. أن الصفات التي ذكرناها وإن كانت صفات منافقين فلا يمنع ذلك أن يقع في بعضها المسلم وقوع المسلم في بعض الصفات خطأ لا شك فيه ولكن لا يدل ذلك على أنه منافق.
2. من وقع في شيء من هذه الصفات فعليه التخلص منها قبل أن تنمو وتتزايد وتنتشر فيه.
3. يجب الحذر من المدخل الشيطاني الذي يشعر صاحب الذنب والخلق المنحرف أنه منافق ويجب أن يترك الصالحين فتزداد مصائبه.
المراجع:
الكتب المطبوعة:
1. ابن منظور, لسان العرب, ت: أمين محمد عبد الوهاب, ط: دار إحياء التراث العربي.
2. ابن كثير, تفسير القرآن العظيم, ت: مجموعة من المحققين, ط: أولاد الشيخ.
3. الشوكاني: محمد بن علي بن محمد, فتح القدير الجامع بين فني الرواية و الدراية من علم التفسير, , ت: عبد الرحمن عميرة, ط: دار الوفاء (1415هـ- 1994م).
4. الطبري: محمد بن جرير, جامع البيان في تأويل القرآن, ت: أحمد شاكر, ط: مؤسسة الرسالة.
5. السعدي: عبد الرحمن بن ناصر, تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, ت: عبد الرحمن اللويحق, ط: مؤسسة الرسالة.
6. ابن قيم الجوزية: محمد بن أبي بكر, طريق الهجرتين وباب السعادتين, ت: عمر بن محمود أبو عمر, ط: دار ابن القيم الدمام ط2: (1414ه - 1994م).
7. ابن كثير: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل, تفسير القرآن العظيم, ط2: دار المعرفة بيروت (1407ه- 1987م).
8. أبو بكر البيهقي: أحمد بن الحسين الخراساني، شعب الإيمان, ت: عبد العلي عبد الحميد حامد، مكتبة الرشد ، ط:1 (1423 هـ - 2003 م).
9. البخاري: محمد بن إسماعيل, الجامع الصحيح, ت: محمد زهير الناصر, دار طوق النجاة, ط:1: (1422هـ).
10. ابن فارس: أبو الحسين أحمد بن زكريا, معجم مقاييس اللغة, ت: عبد السلام محمد هارون, ط: دار الفكر: (1399هـ - 1979م).
11. الزهراني: مشرف بن أحمد, أثر الدلالات اللغوية في التفسير عند الطاهر بن عاشور, ط: مؤسسة الريان (2009م).
12. ابن العربي: أبو بكر المالكي, عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي, ط: دار الكتب العلمية, بيروت.
13. الحميدي: عبد العزيز بن عبد الله, المنافقون في القرآن الكريم, ط: دار كنوز إشبيليا.
14. البغوي: الحسين بن مسعود, شرح السنة, ت: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش, ط: المكتب الإسلامي - دمشق ـ بيروت (1403هـ - 1983م).
15. الراغب الأصفهاني: أبو القاسم الحسين بن محمد, المفردات في غريب القرآن, ت: محمد سيد كيلاني, ط: دار المعرفة لبنان.
16. ابن الأثير: أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري, النهاية في غريب الحديث والأثر, ت: طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي, ط: المكتبة العلمية - بيروت، (1399هـ - 1979م).
17. الفيروز آبادي: محمد بن يعقوب, القاموس المحيط, ط: دار الكتب العلمية بيروت (2007م).
18. القرطبي: أبو عبد الله محمد بن أحمد, الجامع لأحكام القرآن, ت: أحمد البردوني - إبراهيم أطفيش, ط: 2, دار الكتب المصرية - القاهرة، (1384هـ - 1964م).
19. الفريابي: أبو بكر جعفر بن محمد, صفة النفاق وذم المنافقين, ت: عبد الرقيب بن علي مراجعة: مقبل بن هادي الوادعي, ط:1 دار ابن زيدون )1410هـ -1990م).
20. ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم, الإيمان الأوسط, ت: محمود أبو سن, ط: دار طيبة للنشر - الرياض (1422ه).
21. الطيار: مساعد بن ناصر, التفسير اللغوي للقرآن الكريم, ط:1, دار ابن الجوزي, (1422ه).
22. الزهراني: مشرف بن أحمد, أثر الدلالات اللغوية في التفسير عند الطاهر بن عاشور, مؤسسة الريان, الطبعة الأولى (2009م).
23. المؤيري البركوني: محيي الدين بن بيرعلي, مقدمة المفسرين, رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (2004م).
24. الأندلسي: أبو حيان, البحر المحيط, ط: دار الكتب العلمية, بيروت, الطبعة الأولى, (1993م ).
25. الخطيب: أحمد سعد, مفاتيح التفسير, ط: دار التدمرية (2010م ).
26. الطبري: محمد بن جرير, جامع البيان عن تأويل آي القرآن, ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي, ط: هجر للطباعة و النشر و التوزيع و الإعلان ( 2001م ).
27. قشيري: أحمد سهيل, المفسر: شروطه وآدابه ومصادره, ط: مكتبة الرشد ( 2008م ).
28. الأزهري: أبو منصور محمد بن أحمد, تهذيب اللغة, ت: محمد عوض مرعب, ط: دار إحياء التراث العربي- بيروت (2001م).
29. أبو شهبة: محمد بن محمد, المدخل لدراسة القرآن الكريم, ط: دار الفكر (2001م).
30. الدوسري: منيرة محمد ناصر, أسماء سور القرآن وفضائلها, ط: دار ابن الجوزي, (1426ه).
31. ابن عاشور: محمد الطاهر, التحرير التنوير, ط: الدار التونسية للنشر, الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان.
32. الزحيلي: وهبة, التفسير المنير, ط: دار الفكر -دمشق- (1411ه - 1991م).
33. الصابوني: محمد علي, صفوة التفاسير, ط: 5, دار القلم - بيروت - (1406ه - 1986م).
34. البيهقي: أبو بكر أحمد بن الحسين, دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة, ت: د. عبد المعطي قلعجي, ط: دار الريان للتراث - القاهرة - (1408ه- 1988م).
35. السيوطي: عبد الرحمن جلال الدين, الدر المنثور في التفسير بالمأثور, ط: دار الفكر - بيروت - (1392ه - 1414ه).
36. المهايمي: علي بن أحمد بن إبراهيم, تبصير الرحمن وتيسير المنان, ط: عالم الكتب القاهرة.
37. السيوطي: جلال الدين, الإتقان في علوم القرآن, ت: د. مصطفى ديب البنا, ط: 2, دار ابن كثير دمشق بيروت (1414ه - 1993م).
38. أبو داود: سليمان بن الأشعث, سنن أبي داود, ت: محمد محي الدين عبد الحميد, ط: المكتبة العصرية بيروت - لبنان (1416ه - 1995م).
39. السعدي: عبد الرحمن بن ناصر, تيسير الكريم الرحمن, ت: عبد الرحمن اللويحق, ط: مؤسسة الرسالة.
الشنقيطي: محمد الأمين بن محمد المختار, أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن, ط: دار الفكر بيروت - لبنان (1415 هـ - 1995 م).
40. أبو الحسين: مسلم بن الحجاج النيسابوري, الجامع الصحيح, ط: دار الجيل بيروت.
المواقع الإلكترونية:
1. منتديات أذكر الله [ozkorallah.com ],
الرابط:[ http://forums.ozkorallah.com/f11/ozkorallah4101/].
2. منتديات شباب ليبيا [www.libyanyouths.com ].
الرابط: [http://www.libyanyouths.com/vb/t73729.html].
فهرس الموضوعات
شكر وتقدير...................................................................3
ملخص الدارسة................................................................4
الفصل الأول:
التمهيد:
المبحث الأول: المقدمة..........................................................7
المبحث الثاني: موضوع الدراسة..................................................9
المبحث الثالث: أهمية الدراسة..................................................10
الفصل الثاني
التعريف بمصطلحات الدراسة
المبحث الأول: تعريف الصفة.................................................12
المبحث الثاني: تعريف النفاق والمنافقين........................................13
المطلب الأول: تعريف النفاق والمنافقين في اللغة................................13
المطلب الثاني: تعريف النفاق والمنافقين في الاصطلاح الشرعي...................14
المطلب الثالث: أنواع النفاق.................................................15
المبحث الثالث: تعريف التفسير...............................................18
المطلب الأول: تعريف التفسير لغةً............................................18
المطلب الثاني: تعريف التفسير اصطلاحاً......................................18
المطلب الثالث: أهمية علم التفسير............................................19
المطلب الرابع: الهدف من التفسير............................................20
المبحث الرابع: معنى السورة..................................................21
المطلب الأول: تعريف السورة لغةً............................................21
المطلب الثاني: تعريف السورة اصطلاحاً......................................22
الفصل الثالث:
سورة الحديد:
المبحث الأول: تمهيد........................................................23
المبحث الثاني: أغراض السورة ومقاصدها......................................23
المبحث الثالث: اسم السورة..................................................23
المبحث الرابع: وجه التسمية..................................................24
المبحث الخامس: فضل سورة الحديد..........................................25
الفصل الرابع:
بيان صفات المنافقين في سورة الحديد على ضوء كتب التفسير:
1. المبحث الأول: من تفسير ابن كثير.................................26
2. المبحث الثاني: من تفسير الشوكاني....................................28
3. المبحث الثالث: من تفسير الطبري.....................................31
4. المبحث الرابع: من تفسير السعدي....................................34
5. المبحث الخامس: من تفسير الشنقيطي................................35
الفصل الخامس:
صفات المنافقين عموماً............................................37
الفصل السادس:
طرق الوقاية والعلاج من النفاق:
1. المبحث الأول: الطرق الوقائية..........................................43
2. المبحث الثاني: الطرق العلاجية.........................................45
3. المبحث الثالث: مسألة: هل المجاملة من أنواع النفاق؟.....................47
الفصل السابع:
النتائج....................................................................48
المراجع:
1. الكتب المطبوعة...................................................49
2. المواقع الإلكترونية.................................................52
فهرس الموضوعات.............................................................53
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق